تُعتبر مراقبة واقع المشتريات العموميّة في إدارات الدولة اللبنانيّة موضوعاً حيويّاً، خاصّةً في السنة الثانية من تنفيذ قانون الشراء العام. يهدف هذا القانون إلى تعزيز الشفافية والنزاهة في إدارة المال العام، إلّا أن النتائج حتّى الآن تشير إلى تحديات كبيرة.
استطاعت المبادرة جمع معلومات حول 1,501 صفقة من مصادر مختلفة، وتجدر الإشارة الى انّه تمّ إلغاء 280 صفقة منها، فيما لم تُلزّم 128 أخرى (حسب ما أعلن من قبل الإدارات)، وتمّ تلزيم 932 من الصفقات الـ 1,093 المتبقية. هذه الأرقام وعلى الرّغم من تحسّنها عن العام المُنصرم، إلّا أنّها تعدّ محدودة بالنظر الى قانون يُلزم أكثر من 200 إدارة عامّة على الصعيد الوطني، وأكثر من 1,100 بلدية واتحاد بلديات على الصعيد المحلّي، ناهيك عن كافّة البعثات الدبلوماسيّة والتمثيليّة في الخارج على التقيّد به.
من أبرز البيانات التي توصّلت إليها مبادرة غربال كانت عدم تسجيل أيّ عمليات شراء من قبل كلّ البعثات الدبلوماسيّة للبنان.
كما وأن أكبر بلديات لبنان: بلدية العاصمة بيروت لم تسجّل أيضاً أيّ عملية شراء، في حين سجّل المجلس النيابي عمليّتا شراء فقط خلال عام كامل.
من الملفت أن 72 بلدية واتحاد بلديات فقط قامت بالإعلان عن 79 عملية شراء، بغض النظر عما إذا تمّ إلغاؤها أو تلزيمها لاحقاً، وهو رقم متدنٍ للغاية على مقياسين: الأوّل، على صعيد عدد الصفقات، إذ يمثّل هذا الرقم 5% فقط من إجمالي عمليات الشراء التي بلغت 1,501. والثاني، على صعيد عدد الإدارات إذ تبلغ نسبة 6% فقط من عدد البلديات والاتحادات البالغ عددها حوالي 1,100.
كما تشير البيانات إلى أن نسبة 25% من عمليات الشراء التي تمّ تقييمها لا تزال تُعقد من خلال الاتفاقات الرضائيّة، حيث ارتفع عدد هذه العمليات من 206 في السنة الأولى إلى 271 في السنة الثانية من تطبيق القانون، رغم تقليص حالات اللجوء إليها نظريّاً.
أمّا بالنسبة الى المناقصات وقيمتها، فقد تمّ تسجيل مناقصات بقيمة 219 مليون د.أ.، ممّا يشير الى تحسّن نسبي. مع ذلك، تبقى نسبة الاتفاقات بالتراضي مرتفعة، ممّا يثير تساؤلات حول فعاليّة تطبيق القانون وأثره على تحسين آليّات الشراء العام.
في المقابل، تبيّن أن هناك عمليات شراء قد لزّمت رغم مخالفتها للقانون. حيث رصدت مبادرة غربال 22 طلب عروض أسعار، و16 مناقصة، ومزايدتين تقدّم عارض واحد إليها، فلزّمت رغم عدم قانونيّتها لانتفاء تبريرها.
تستند هذه الدراسة إلى تحليل شامل للبيانات المتاحة، مع التركيز على أهميّة تعزيز الشفافيّة والمساءلة في عمليات الشراء العموميّة لضمان الاستخدام الأمثل للمال العام وتعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات الحكوميّة.